الروح الصغيرة و الله
كان يا ما كان في لا زمان كان في روح صغيرة تقول لربها :
" يا الله أنا أعرف من أنا "
فقال الله هذا رائع، من أنت ؟
فصاحت الروح الصغيرة قائلة : أنا النور
فتبسم الله و قال : هذا صحيح ، أنت النور
فكانت الروح الصغيرة فرحة جداً لأنها عرفت ما كل الأرواح في المملكة موجودة لمعرفته
و لكن معرفتها من تكون لم يكن كافياً ، فتحركت مشاعرها ، و أرادت أن تكون ما هي عليه ، فقالت لله :
" يا الله ، بما أني عرفت أنني نور ، فهل أستطيع أن أكون نور؟ "
فأجابها الله : أتريدين أن تكوني ما أنت عليه؟
فقالت الروح الصغيرة : نعم ، فمعرفة من أكون شيء ، و أكون كذلك شيء آخر. أريد أن أعرف ما هو شعور أن أكون نور "
فقال الله مبتسماً : لكنك أنت بالأصل نور
فقالت : نعم و لكن أريد أن أعرف ما هو شعور أن أكون نور. و بكت الروح الصغيرة
فقال الله : و لكن هناك مشكلة واحدة . . . .
فقالت و ما هي؟
فقال الله : ليس في الوجود شيء آخر سوى النور ، كل ما خلقت كاللذي أنت عليه ، لذلك ليس من السهل أ ن تشعري ما أنت عليه و أنت محاطة بما أنت عليه أي النور ، لأنه لا يوجد شيء حولك ليس نوراً.
أنظري إليها بهذه الطريقة ، أنت مثل شمعة بالشمس ، أنت و مليون شمعة أخرى تشكلون الشمس ، فالشمس لن تكون شمساً من دونك ، و لن تكون شمساً من دون أي شمعة من شمعاتها ، لأنها لن تكون بنفس سطوعها. و لكن السؤال أنه كيف ستشعرين أنك نور و أنت في وسط النور؟
فقالت : أنت الله ، فكر في طريقة ما ؟
فتبسم الله مجدداً و قال : قد فكرت مسبقاً ، بما أنك لا تستطيعين رؤيت نفسك نوراً و أنت في وسط النور ، فسوف ، أحيطك بالظلمة.
فسألت الروح الصغيرة : و ما هي الظلمة؟
فأجابها الله : هي ما لست أنت عليه.
فسألته : و هل سأخاف منها؟ و أخذت تبكي
فأجابها : فقط إن اخترت أن تخافي منها ، ليس فيها شيء يخيف إلا إذا اخترت أن يكون هناك شيء يخيف. ألا تري أننا نفترضها افتراض؟
فارتاحت قليلاً الروح الصغيرة.
فشرح لها الله أنه كي تشعر بأي شيء سيظهر تلقائياً الشيء المعاكس فقال الله : " إنها نعمة عظيمة ، لأنه من دونها لن تتمكن أن تعرف ما هو شعور أن تكون اي شيء ، لن تعرف الدفء من دون البرد ، الأعلى من دون الأسفل ، السريع من دون البطيء ، اليمين من دون اليسار ، القريب من دون البعيد ، الحاضر من دون المستقبل. فعندما تكوني محاطة بالظلمة ، لا تخافي منها و لا تلعنيها ، و لكن كوني النور في الظلمة ، و لا تتعلقي بها. عندها ستشعرين ما أنت عليه ، وسيشعر الجميع بذلك ، دعي نورك يسطع كي يرى الجميع كم أنت مميزة,
فسألته الروح الصغيرة : أليس هناك مشكلة أن يرى الآخرون كم أنا مميزة؟
فأجابها الله : طبعاً ليس هناك مشكلة ، و لكن تذكري أن "مميزة" لا تعني "أفضل". الجميع مميزون و لكن كل على طريقته ، و لكن الكثير منهم نسوا ذلك. سيرون أنه لا يوجد مشكلة أن يكونوا مميزين عندما ترين أنه لا يوجد مشكلة أن تكوني أنت مميزة.
ففرحت الروح الصغيرة و أخذت ترقص و تضحك و تقفز من الفرح و قالت : أستطيع أن أكون مميزة بالطريقة التي أريدها؟
فقال لها الله : نعم ، و يمكنك البدء من هذه اللحظة ، ما طريقة التميز التي تريدينها؟
فتعجبت : طريقة التميز؟ لم أفهم!!
فشرح لها الله و قال : أن تكوني نوراً يعني أن تكوني مميزة ، و أن تكوني مميزة لها عدة جوانب ، كأن تكوني مميزة باللطف ، مميزة بالصبر ، مميزة بالإبداع ، هل تستطيعي أن تفكري بطريقة أخرى؟
صمتت الروح الصغيرة للحظات ثم قالت : هناك العديد من الطرق في ذهني ، مميزة بأن أكون مفيدة ، مميزة بأن أكون ودودة ...
فوافقها الله و أضاف : و يمكنك أن تكوني كل هذه الصفات ، أو أي صفة تريدينها ، في أي لحظة ، فهذا معناة أن تكوني النور.
فصاحت الروح الصغيرة بحماسة قائلة : أعرف ما أريد أعرف ما أريد!! أريد أن أكون مميزة بصفة المسامحة ، أليست صفة المسامحة مميزة؟
أجابها الله : نعم إنها مميزة جداً
فقالت : حسناً ، هذا ما أريد أن أكونه ، أريد أن أكون مسامحة ، و الآن أريد أن أعرف ما هو شعور أن أكون مسامحة.
فقال لها الله : و لكن هناك شيء عليك معرفته .
فبدأت الروح الصغيرة تفقد صبرها ، فقالت ما هو؟
فقال الله : لا يوجد هناك من تسامحيه!!
" لا أحد؟ " لم تكن تصدق الروح الصغيرة ما كانت تسمع.
قال الله : لا أحد ، فكل ما خلقت كامل ، لا يوجد أي روح في كل هذا الخلق أقل كمالاً منك ، أنظري حولك.
فلاحظت فجأةً أن هناك العديد من الأرواح الصغيرة الأخرة مجتمعة حولهما ، فأتت الأرواح الصغيرة من كافة أرجاء المملكة لتسمع هذا الحديث الخاص بين الروح الصغيرة و الله. فرأت أنه بالفعل ليس هناك أي روح أقل روعة و أقل جمالاً و أقل كمالاً منها. فكان نورهم مجتمعين قوي جداً حتى بالكاد كانت تشعر بنورها.
فقال الله : من سوف تسامحين إذاً؟
فقالت الروح الصغيرة و هي حزينة : أردت أن أكون مميزة بالمسامحة ، أردت أن أعرف كيف يكون التميز بهذه الطريقة.
فتعلمت الروح الصغيرة كيف يكون شعور الحزن. و عندها قامت روح ودودة من المجتمعين و تقدمت إلى الروح الصغيرة و قالت لها : لا تحزني ، سأساعدك.
فقالت متأملة : سوف تساعدني؟ و لكن ماذا تستطيع أن تفعل؟
فقالت الروح الودودة : سأقدم لكي أحداً لتسامحيه.
" هل تستطيع؟ "
فقالت الروح الودودة : طبعاً ، سآتي إليك في الحياة القادمة و أفعل بك شيء كي تسامحيني.
فقالت الروح الصغيرة : و لكن لماذا؟ لماذا قد تفعل شيء كهذا؟ أنت المخلوق بهذا الكمال ، و هذا النور الساطع الذي بالكاد أرى نوري أمامه ، ما الذي يجعلك أن تريد أن تجعل نورك مظلم بهذا الشكل؟ ما الذي يجعلك أنت الخفيف الذي يرقص بين النجوم و يتنقل بأرجاء المملكة بهذه السرعة أن تأتي إلى حياتي المقبلة و تجعل نفسك بهذا الثقل لتفعل هذا الشيء السيئ؟
فقالت الروح الودودة : بكل بساطة ، سأفعل كل هذا لأني أحبك.
فتفاجأت الروح الصغيرة بهذا الجواب.
فقالت الروح الودودة : لا تتفاجئي أيتها الروح الصغيرة ، فإنك قد فعلت الشيء نفسه لي ، هل تتذكرين؟ فلقد رقصنا معاً أنا و أنت ، مرات عديدة ، خلال العصور رقصنا ، و لعبنا معاً في كثير من الأماكن على مر الزمن ، و لكنك فقط لا تتذكرين. فقد كنا في كل هذه العصور ، كنا أسفلها و أعلاها ، كنا يمينها و يسارها ، كنا قريبها و بعيدها ، كنا حاضرها و مستقبلها ، كنا ذكرها و أنثاها ، كنا كلينا المجرم و الضحية. و هكذا أتينا معاً دائماً ، مرات عديدة من قبل ، في كل مرة يقدم أحدنا للآخر الفرصة ليشعر بالنور الذي هو أصلنا. و هكذا سآتي في الحياة المقبلة و لكن بدور الشرير ، و سأفعل بك أشياء سيئة ، عندها ساعطيك الفرصة بأن تكون مسامحة.
فسألته الروح الصغيرة : و لكن ماذا ستفعل بي ؟ هل ستكون سيئ جداً؟
فقالت الروح الودودة : سأفكر في شيء ما عندها. و فجأة أصبحت الروح الودودة جدية و قالت : و لكنك محقة بما قلت ، لإني سأصبح ثقيلة جداً لفعل هذا الشيء الغير جيد ، سأجبر بالتظاهر بشيء لست عليه. و لكن أريد أن أطلب منك معروفاً واحداً.
فقالت الروح الصغيرة : أي شيء أي شيء. و بدأت ترقص :سأكون مسامحة سأكون مسامحة.
لكنها وجدت أن الروح الودودة بقيت هادئة و جدية ، فسألتها : ماذا هناك؟ ماذا أستطيع أن أفعل لك؟ فأنت ملاك لأنك ستفعل ذلك.
فقاطعهما الله و قال : طبعاً هذه الروح الودودة هي ملاك ، الكل ملائكة ، كل شيء أرسله لك هو ملاك.
فقالت الروح الودودة : في اللحظة التي أضربك بها و أؤذيكي ، في اللحظة التي أفعل بك أسوأ ما كنت تتخيلينه ، في تلك اللحظة بالذات ، تذكري من أكون أنا.
فبكت الروح الصغيرة و قالت : سأفعل ، سأتذكرك دائماً كما أنت هنا الآن.
فقالت الروح الودودة : جيد ، لأني سأتظاهر بصعوبة كبيرة نسياني من أكون ، و إن لم تتذكري من أكون ، فلن أصبح قادراً على تذكر من أكون ، و إذا نسيت أنا من أكون ، فحتى أنت قد تنسين من تكونين ، و عندها سنخسر كلانا ، و عندها سنحتاج إلى روح أخرى كي تأتي و تذكرنا من نحن.
فقالت الروح الصغيرة : كلا لن نفعل ، أنا أقسم أني سأتذكرك من تكون ، و سأشكرك لتقديمك إلي هذه الهدية ، الفرصة لشعوري أني نور ، أني مميز ، أني مسامح.
و هكذا عقد الاتفاق و ذهبت الروح الصغيرة إلى حياتها المقبلة الجديدة ، متحمسة كونها نوراً مميزاً جداً ، و كونها ستكون مسامحة.
و انتظرت الروح الصغيرة بشغف خوض كونها مسامحة ، و لتشكر أي روح أخرى مهما فعلت لها.
و في أي لحظة من هذه الحياة الجديدة ، كلما ظهرت روح ، سواءً جلبت لها السعادة أو الحزن ، و خاصة الحزن و المتاعب ، كانت تفكر فيما قال لها الله " تذكري دائماً ،كل شيء أرسله لك هو ملاك